تعديل

الأحد، 31 ديسمبر 2017

عدم صحة حديث في فضل معاوية رضي الله عنه أدل على فضله من أن تصح فيه عدة أحاديث

بسم الله الرحمن الرحيم




عدم صحة حديث في فضل معاوية - رضي الله عنه -
أدلّ على فضله
من
أن تصح فيه عدة أحاديث


هذه الدرّة الغالية جادت بها قريحة العلامة المحقّق عبد الرحمان بن يحيى المعلّمي اليماني- رحمه الله - في
"الأنوار الكاشفة لما في كتاب أضواء على السنة من الزّلل والتضليل والمجازفة"

فبعد أن حكى عن أبي ريّة أنه ذكر عن أئمة السنّة: إسحاق بن راهوية وأحمد بن حنبل والبخاري والنسائي ثم ابن حجر ما حاصله : أنه لم يصحّ في فضل معاوية حديث قال:
أقول: هذا لا ينفي الأحاديث الصحيحة التي تشمله وغيره, ولا يقتضي أن يكون كل ما روي في فضله خاصة مجزوما بوضعه.
وبعد: ففي هذه القضيّة برهان دامغ لما يفتريه أعداء السنّة على الصّحابة، وعلى معاوية، وعلى الرواة الذين وثّقهم أئمة الحديث , وعلى أئمة الحديث، وعلى قواعدهم في النقد.
أما الصحابة رضي الله عنهم ففي هذه القضيّة برهان على أنه لا مجال لاتهام أحد منهم بالكذب على النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أن معاوية كان عشرين سنة أميرا على الشام وعشرين سنة خليفة,وكان في حزبه وفيمن يحتاج إليه جمع كثير من الصحابة منهم كثير ممن أسلم يوم فتح مكة أو بعده وفيهم جماعة من الأعراب وكانت الدواعي إلى التعصب له والتزلف إليه متوفرة فلو كان ثمّ مساغ لأن يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم أحد لقيه وسمع منه مسلما لأقدم بعضهم على الكذب في فضل معاوية وجهر بذلك أمام أعيان التابعين فينقل ذلك جماعة ممن يوثّقهم أئمة السنة فيصحّ عندهم ضرورة،
فإذا لم يصح خبر واحد ثبت صحّة القول بأن الصحابة كلّهم عدول في الرّواية وأنه لم يكن منهم أحد مهما خفّت منزلته وقوى الباعث له محتملا منه أن يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما معاوية فكذلك, فعلى فرض أنه كان يسمح بأن يقع كذب على النبي صلى الله عليه وسلم ما دام في فضيلة له وأنه لم يطمع في أن يقع ذلك من أحد غيره ممن له صحبة, أو طمع ولكن لم يجده ترغيب ولا ترهيب في حمل أحد منهم على ذلك فقد كان في وسعه أن يحدّث هو عن النبي صلى الله عليه وسلم،فقد حدّث عدد كبير من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم بفضائل لأنفسهم وقبلها منهم الناس ورووها وصحّحها أئمة السنة، ففي تلك القضية برهان على أن معاوية كان من الدّين والأمانة بدرجة تمنعه من أن يفكّر في أن يكذب أو يحمل غيره على الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم مهما اشتدّت حاجته إلى ذلك. ومن تدبر هذا علم أن عدم صحة حديث عند أهل الحديث في فضل معاوية أدلّ على فضله من أن تصحّ عندهم عدّة أحاديث .
وأما الرواة الذين وثّقهم أئمة الحديث فقد كان في حزب معاوية والموالين له عدد منهم كان في وسعهم أن يكذبوا على بعض الصحابة الذين لقوهم ورووا عنهم فيرووا عنه حديثا أو أكثر في فضل معاوية وينشروا ذلك فيمن يليهم من الثقات فيصحّحه أهل الحديث,فعدم وقوع شيء من ذلك يدل على أن الرواة الذين يوثّقهم أئمة الحديث ثقات في نفس الأمر.
وأما أئمة الحديث فهم معروفون بحسن القول في الصحابة عامة وخصومهم ينقمون عليهم ذلك كما تراه في فصل عدالة الصحابة من كتاب أبي رية ويرمونهم بالنصب ومحبة أعداء أهل البيت والتعصّب لهم وتلك القضيّة براءة لهم فلو كانوا من أهل الهوى المتّبع لأمكنهم أن يصحّحوا عدّة أحاديث في فضل معاوية,أو يسكتوا على الأقلّ عن التصريح بأن كل ما روي في ذلك غير صحيح.
وأما قواعدهم في النقد فلا ريب أن نجاحها في هذا الأمر ـ وهو من أشدّ معتركات الأهواء ـ من أقوى الأدلة على وفائها بما وضعت له.
انتهى من الكتاب المذكور صفحة : 93
فانظر أخي رحمك الله إلى ذلك النظر الصادق كيف يجلّي تلك الحقائق تعلم علما لا يداخله وهم بأن الحق لم يكن حقا إلا لأنه الحقّ والله الموفق.