تعديل

الاثنين، 25 ديسمبر 2017

ثلاثة نظائر معجبة مطربة

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم



نظائر معجبة مطربة

هذه ثلاثة تحضرني ولعلَّ القارئين يزيدون، هي مسائلُ يُأخذ بطلانها من أنفسها، وهذا إنَّما يكون في الأقوال الباطلة، وهي قاعدة عامَّة في الاحتجاج على الباطل بالحق، إذ الحقُّ يدلُّ على الحقِّ ويوصل إليه، ولا يدل على الباطل بوجه من الوجوه الصَّحيحة الجارية على أصول الفهم والنَّظر والاستدلال، ومن كمال تحقيق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لهذا المقام وتقريره له أنَّه كان يتحدَّى المبطلين من كلِّ نحلة أنَّه لا يأتيه أحدٌ منهم من الكتاب والسنَّة بدليل يحتجُّ به على باطله إلَّا ويبيِّن له من نفس دليله فسادَ قوله ومذهبه، وصدق رحمه الله، فإن كلَّ حجَّة صحيحة يحتجُّ بها مبطل على باطل إذا اعتبرتها وجدتها كما قال.


وممَّا يشبه هذا النَّظائر الثَّلاث الَّتي ذكرت، وهي أقوالٌ هي من أنفسها تدلُّ على فسادها.


الأولى: أنَّ باب الاجتهاد قد أغلق، فهذه المقالة لم يقلها الأئمَّة المجتهدون، بل قالها من بعدَهم بعد غلق باب الاجتهاد على زعمهم، فهم قالوها اجتهادًا، وهو دليل على أنَّ الاجتهاد باق بعد زمن الأئمَّة.


الثَّانية: كلُّ مجتهد مصيب، قيل لقائل هذه المقالة :أنت اجتهدت فأدَّاك اجتهادك إلى أنَّ كلَّ مجتهد مصيب، ولم تصب في هذا الاجتهاد، فقولك هو نفسه دليل على أنَّه ليس كلُّ مجتهد مصيبًا.


الثَّالثة: من روى عن النَّبي صلَّى الله ليه وسلَّم الحديث المكذوب: «إذا حُدثتم عني بحديث فاعرضوه على كتاب الله فما وجدتموه فيه فهو قولي وما لم تجدوه فيه فلم أقله» أو في هذا المعنى، قال العلماء: أخذنا بهذا الحديث فبدأنا به فعرضناه على الكتاب فوجدناه يبطله، لأنَّ الله يقول: «وما آتاكم الرسول فخذوه».



وضدُّ هذه النَّظائر أن يستدلَّ القائل بقوله هو على فساد دعوى مخالفه، ويحضرني له مثالان:


الأوَّل: حين يُدَّعى الإجماع في موارد النِّزاع فيقول الخالف ـ ممَّن يخرم خلافُه الإجماع ويقدح في انعقاده ـ لمدَّعي الإجماع: قد خالفتُ أنا فيه فأين الإجماع؟


الثَّاني: من يقول إنَّ البسملة ليست آية من القرآن، فيخالفه من يخالفه، فيقول له: إنَّ من شرط القرآن التَّواتر القطعي الَّذي يُعلم أنَّ المسلمين لم يختلفوا فيه، وقد خالفناك نحن في ذلك، فبطل كونها من القرآن.


وهذا المثال الأخير مدخولٌ، لكن قصدت به أصل النَّظر، لا تحقيق المدَّعى.


والله أعلم، وصلَّى الله على نبِّينا محمَّد وعلى آله وصحبه.


18/8/1435