تعديل

الأحد، 31 ديسمبر 2017

خطأ في ترجمة ابن سريج

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم



الحمد لله حقَّ حمده، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالخطأ المقصود بالتنبيه هو ما وقع في كتاب "موقف ابن تيمية من الأشاعرة" (1/341)، فإنَّه ذكر تحت فصل" أهم شيوخه":

"4- أبو العباس ابن سريج، وقال قال ابن كثير عن الأشعري: وتفقَّه بابن سريج، وأحال على البداية والنِّهاية (11/187)".

وأنا كنت قد عملت جردًا لمن أخذ عن ابن سريج من كتب الطَّبقات والتَّراجم العامَّة لمَّا رأيت المترجمين لم يعتنوا بذلك، ولم أكن رأيت الأشعري فيهم، فلمَّا أوقفني بعضُ الأفاضل على هذا النَّقل جزمت بخطئه، ثم رجعت إلى "البداية والنِّهاية" (15/101ـ هجر) وإذا صورة الكلام في ترجمة الأشعري هكذا: "قدم بغداد، وأخذ الحديث عن زكريا بن يحي السَّاجي، وتفقَّه بابن سريج، وقد ذكرنا ترجمته في طبقات الشَّافعية".

فلمَّا رجعت إلى طبقات الشَّافعية لم أجد ترجمة للأشعري، ولكنِّي رأيته ترجم للسَّاجي، وذكر أنَّ الأشعري أخذ عنه، والسَّاجي أحد كبار من أخذ عن ابن سريج كما في السِّير (15/379)، فلهذا تبيَّن أن قول ابن كثير: "تفقَّه بابن سريج، وقد ذكرنا ترجمته في طبقات الشافعية" كلامٌ عائد على زكريا السَّاجي لا على الأشعري.

وممَّا يدل على هذا أنَّه لم يذكر أحد الأشعريَّ فيمن أخذ عن ابن سريج مع أن ذلك لو كان لكان منقبةً كبيرةًَ له، وحسبك أنَّ ابن عساكر لم يذكر ذلك في "تبيين كذب المفتري" الَّذي استوعب أخبار الأشعريِّ دقَّها وجلَّها، وكذلك التَّاج السُّبكي لم يذكره مع كمال عنايته بذلك، ولو كان لبادر إلى ذكره في صدر ترجمة الأشعري.

ثمَّ إنَّ أبا العباس كان منفِّرًا من الكلام وأهله، وقد جاء عنه تبديع الأشعرية وتضليلهم في آخر جوابه في الصِّفات الَّذي نقله عنه الإمام سعد بن علي الزَّنجاني رحمه الله في "جوابات المسائل التي سئل عنها بمكة"، وهو جواب عظيم عُني الأئمة بنقله وتداوله، وقد يسَّر الله تعالى التَّعليق عليه بشرح عباراته وتوضيح إشاراته، وسينشر قريبًا إن شاء الله تعالى عن "مركز دراسات التَّصفية".

والله تعالى أعلم.